الحمد الله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله، وبعد:
فهذه كلمات موجزة في الصلاة تبين أهميتها، والأسباب التي تعين على تأديتها مع المسلمين، وثمرات المحافظة عليها مع الجماعة.
أهمية الصلاة:
للصلاة في دين الإسلام أهمية عظيمة، وممّا يدل على ذلك ما يلي:
1- أنّها الركن الثاني من أركان الإسلام.
2- أنّها أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة؛ فإن قُبلت قُبل سائر العمل، وإن رُدَّت رُدَّ.
3- أنّها علامة مميزة للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ} [سورة البقرة: من الآية 3].
4- أنّ من حفظها حفظ دينه، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع.
5- أنّ قدر الإسلام في قلب الإنسان كقدر الصلاة في قلبه، وحظه في الإسلام على قدر حظه من الصلاة.
6- وهي علامة محبة العبد لربّه وتقديره لنعمه.
7- أنّ الله عز وجل أمر بالمحافظة عليها في السفر، والحضر، والسلم، والحرب، وفي حال الصحة، والمرض.
8- أنّ النصوص صرّحت بكفر تاركها. قال صلى الله عليه وسلم: «إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة» [رواه مسلم]. وقال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر» [رواه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح]، فتارك الصلاة إذا مات على ذلك فهو كافر لا يُغَسّل، ولا يُكَفّن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أقاربه، بل يذهب ماله لبيت مال المسلمين، إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على ترك الصلاة.
أسباب تعين على أداء الصلاة مع المسلمين:
1- الإستعانة بالله عز وجل.
2- العزيمة الصادقة الجازمة.
3- إستحضار ثمرات الصلاة الدينية والدنيوية.
4- إستحضار عقوبة ترك الصلاة.
5- الأخذ بالأسباب، كاستعمال المنبه أو أن يوصي الإنسان أهله بأن يحرصوا على إيقاظه وحثه، أو أن يوصي زملائه بأن يتعاهدوه.
6- ترك الإنهماك في فضول الدنيا.
7- ألاّ يتعب الإنسان نفسه أكثر من اللازم.
8- أن يتجنب الذنوب، فإنّها تثقل عليه الطاعات.
9- أن يصاحب الأخيار ويتجنب الأشرار.
10- ترك الإكثار من الأكل والشرب؛ فهما ممّا يثقل عن الطاعة.
11- أن يدرك الآثار المتربة على ترك الصلاة من تكدر النفس وانقباضاها، وضيق الصدر وتعسر الأمور.
وبعد هذا كله.. هل يليق أيّها العاقل أن تتهاون بالصلاة مع جماعة المسلمين؟! أو أن يؤثر الكسل والنوم على طاعة رب العالمين؟! أو تزهد فيما أعدُّه اللّه للمحافظين عليها من أنواع الكرامات؟! أم تأمن على نفسك ممّا أعده الله لمن يتهاونون بها من أليم العقوبات؟
ثمرات الصلاة والمحافظة عليها مع جماعة المسلمين:
للصلاة مع جماعة المسلمين والمحافظة عليها ثمرات عظيمة، وفوائد جليلة، وعوائد جمّة، في الدين والدنيا، والآخرة والأولى، فمن ذلك ما يلي:
1- أنّ المحافظة عليها سبب لقبول سائر الأعمال.
2- المحافظة عليها سلامة من الاتصاف بصفات المنافقين.
3- المحافظة عليها سلامة من الحشر مع فرعون وقارون وهامان وأُبي بن خلف.
4- الصلاة قرة للعين.
5- ومن ثمراتها تفريح القلب، مبيضة للوجه.
6- الانزجار عن الفحشاء والمنكر.
7- وهي منورة للقلب، مبيّضة للوجه.
8- منشطة للجوارح.
9- جالبة للرزق.
10- داحضة للظلم.
11- قامعة للشهوات.
12- حافظة للنعم، دافعة للنقم.
13- منزلة للرحمة، كاشفة للغمة.
14- وهي دافعة لأدواء القلوب من الشهوات والشبهات.
15- التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
16- التعارف بين المسلمين.
17- تشجيع المتخلف.
18- تعليم الجاهل.
19- إغاظة أهل النفاق.
20- حصول المودة بين المسلمين؛ فالقرب في الأبدان مدعاة للقرب في القلوب.
21- إظهار شعائر الإسلام والدعوة إليه بالقول والعمل.
22- وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا والآخرة، لا سيما إذا أُعطيت حقها من التكميل ظاهرًا وباطنًا، فما استُدفعت شرور الدنيا والآخرة بمثل الصلاة، ولا استُجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصلاة؛ لأنّها صلة بين العبد وربّه، وعلى قدر صلة العبد بربّه تنفتح له الخيرات، وتنقطع ـ أو تقل ـ عنه الشرور والآفات، وما ابتلي رجلان بعاهة أو مصيبة أو مرض واحد إلاّ كان حظ المصلي منها أقل وعاقبته أسلم.
23- الصلاة سبب لاستسهال الصعاب، وتحمل المشاق؛ فحينما تتأزم الأمور وتضيق؛ وتبلغ القلوب الحناجر ـ يجد الصادقون قيمة الصلاة الخاشعة؛ وحسن تأثيرها وبركة نتائجها.
24- وهي سبب لتكفير السيئات، ورفع الدرجات، وزيادة الحسنات، والقرب من رب الأرض والسموات.
25- وهي سبب لحسن الخلق، وطلاقة الوجه، وطيب النفس.
26- وهي سبب لعلو الهمة، وسمو النفس وترفعها عن الدنايا.
27- وهي المدد الروحي الذي لا ينقطع، والزاد المعنوي الذي لا ينضب.
28- الصلاة أعظم غذاء وسقي لشجرة الإيمان، فالصلاة تثبت الإيمان وتنميه.
29- المحافظة عليها تقوي رغبة الإنسان في فعل الخيرات، وتُسهّل عليه فعل الطاعات، وتذهب ـ أو تضعف ـ دواعي الشر والمعاصي في نفسه، وهذا أمر مشاهد محسوس؛ فإنّك لا تجد محافظًا على الصلاة ـ فروضها ونوافلها ـ إلاّ وجدت تأثير ذلك في بقية أعماله.
30- ومن فوائدها: الثبات على الفتن؛ فالمحافظون عليها أثبت النّاس عند الفتن.
31- ومن فوائدها: أنّها تُوقد نار الغيرة في قلب المؤمن على حُرمات الله.
32- والصلاة علاج لأدواء النفس الكثيرة، كالبخل، والشح، والحسد، والهلع، والجزع، وغيرها.
33- ومن فوائدها الطبية: ما فيها من الرياضة المتنوعة، المقوية للأعضاء، النافعة للبدن.
34- ومن ذلك، أنّها نافعة في كثير من أوجاع البطن؛ لأنّها رياضة للنفس والبدن معًا، فهي تشمل على حركات وأوضاع مختلفة تتحرك معها أغلب المفاصل، وينغمز معها أكثر الأعضاء الباطنة، كالمعدة، وسائر آلات النفس والغذاء، أضف إلى ذلك الطهارة المتكررة وما فيها من نفع، كل ذلك نفعه محسوس مشاهد لا يماري فيه إلاّ جاهل.
35- ومن فوائدها الصحية: أنّها ـ كما مرّ ـ تنير القلب وتشرح الصدر، وتفرح النفس والروح، ومعلوم عند جميع الأطباء أنّ السعي في راحة القلب وسكونه وفرحه وزوال همّه وغمه، من أكبر الأسباب الجالبة للصحة، الدافعة للأمراض، المخففة للآلام، وذلك مجرب مشاهد محسوس في الصلاة خصوصًا صلاة الليل وأوقات الأسحار.
36- ومن ذلك: ما أظهره الطب الحديث من فوائد عظيمة للصلاة، وهي أنّ الدماغ ينتفع انتفاعًا كبيرًا بالصلاة ذات الخشوع، كما قرر ذلك كبار الأطباء في هذا العصر، وهذا دليل من الأدلة التي يتبين لنا بها سبب قوة تفكير الصحابة الكرام، وسلامة عقولهم، ونفاذ بصيرتهم، وقوة جنانهم، وصلابة عودهم.
هذا غيض من فيض من ثمرات الصلاة الدينية والدنيوية، وإلاّ فثمراتها لا تعد ولا تحصى، فكلما ازداد اهتمام المسلم بها ازدادت فائدته منها، والعكس بالعكس.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.